الكاتبة : أمل شريف
في خطوة تاريخية، وافقت بريطانيا يوم الاثنين على إعادة ضبط كبيرة لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وهي الأهم منذ خروجها من التكتل. تتضمن هذه الخطوة إزالة بعض الحواجز التجارية وتعزيز التعاون في مجال الدفاع، بهدف دعم اقتصادها وتعزيز الأمن في القارة. رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي كان من الداعين لاستمرار عضوية بريطانيا في الاتحاد، يأمل أن تسهم هذه الاتفاقية في تسهيل حركة الزوار والتجارة البريطانية إلى أوروبا، مما قد يساهم في تهميش الانتقادات التي وجهها نايجل فاراج، أحد أبرز المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي، خلال قمة لندن.
ولكن، يتضمن هذا الاتفاق مخاطر سياسية بالنسبة لستارمر، حيث يتناول قضايا حساسة مثل حقوق الصيد، ومن المرجح أن تتطلب العديد من الترتيبات مزيدًا من المفاوضات.
تأتي هذه الخطوة في ظل التحولات العالمية التي شهدها العالم بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم، مما اضطر الحكومات إلى إعادة تقييم علاقاتها التجارية والدفاعية والأمنية. وقد ساهم ذلك في تعزيز روابط ستارمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوروبيين آخرين.
يرى الخبراء الاقتصاديون أن إعادة ضبط العلاقات مع أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة قد تؤثر بشكل أكبر على الاقتصاد البريطاني المتعثر مقارنة بالاتفاقيات الأخيرة مع الهند والولايات المتحدة، إلا أن رفض بريطانيا الانضمام مجددًا إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي من شأنه أن يحد من فوائد هذا التعاون.
وعبّر ستارمر يوم الثلاثاء عن أهمية التطلع إلى الأمام، متجاوزًا الخلافات السياسية القديمة، والعمل على إيجاد حلول عملية تسهم في تحسين حياة الشعب البريطاني.
تتركز جوهر إعادة ضبط العلاقات حول اتفاقية دفاع وأمن تمكّن بريطانيا من المشاركة في عمليات الشراء المشتركة. وستكون هناك حاجة لتعاون أكبر مع الشركات البريطانية، مثل رولز رويس وبابكوك، للانخراط في برنامج ضخم يُقدر بـ 150 مليار يورو (حوالي 167 مليار دولار) لإعادة تسليح أوروبا.
وفيما يتعلق بصيد الأسماك، ستحظى السفن البريطانية وسفن الاتحاد الأوروبي بإمكانية الوصول إلى مياه كل منهما لمدة 12 عامًا، مما يعدّ تراجعاً عن أحد أبرز أوراق اللعبة البريطانية في أي محادثات مستقبلية. في المقابل، سيتم تقليل الإجراءات الورقية وعمليات التفتيش الحدودية التي كانت تعيق الكثير من منتجي الأغذية الصغار من تصدير منتجاتهم إلى أوروبا.
كما ستستفيد بريطانيا من بوابات إلكترونية أسرع للمسافرين في مطارات الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن يلتقي ستارمر برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا لتوقيع الاتفاق صباح الاثنين، بعد أن تم الاتفاق على التفاصيل النهائية في منتصف الليل.
تجدر الإشارة إلى أن تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي عام 2016 أظهر انقسامًا حادًا في البلاد حول قضايا متعددة مثل الهجرة وسيادة السلطة والثقافة والتجارة. وكانت هذه الخطوة قد ساهمت في إشعال واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في التاريخ السياسي البريطاني، حيث شهدت البلاد خمسة رؤساء وزراء قبل وصول ستارمر إلى منصبه في يوليو الفائت، مما أدى أيضًا إلى توتر العلاقات مع بروكسل.