الكاتبة : آية عادل
شهدت الساحة التشريعية المصرية تطورًا مهمًا خلال الأيام الماضية، بعد أن تقدمت الحكومة إلى مجلس النواب بمشروع قانون جديد لتعديل قانون الإيجار القديم في خطوة تهدف إلى معالجة التشوهات المزمنة في سوق الإيجار السكني. وقد أثارت هذه المقترحات جدلاً واسعًا نظرًا لما تحمله من تغييرات جوهرية على العلاقة بين المالك والمستأجر.
مضمون المادة (2) من مشروع القانون
نصت المادة (2) من مشروع القانون على أنه اعتبارًا من موعد استحقاق الأجرة الشهرية التالية لتاريخ العمل بالقانون، تُحدد القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى بواقع 20 ضعف القيمة الإيجارية القانونية السارية. كما اشترطت ألا تقل الأجرة الشهرية بعد الزيادة عن ألف جنيه للوحدات الكائنة في المدن والأحياء، وخمسمائة جنيه للوحدات في القرى، وذلك لتوحيد الحد الأدنى وفقًا لطبيعة المنطقة.
أهداف مشروع القانون
يهدف المشروع إلى إعادة التوازن بين المالك والمستأجر، ومعالجة الفجوة الهائلة بين القيمة السوقية والإيجارية للوحدات المؤجرة قديمًا.
ويرى المشرعون أن القانونين القديمين (رقم 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981) لم يعودا ملائمين للواقع الاقتصادي والاجتماعي الحالي، ما يستوجب تعديلات تواكب المتغيرات وتدعم العدالة بين أطراف العلاقة الإيجارية.
بدء جلسات الحوار المجتمعي
أعلنت لجنة الإسكان بمجلس النواب، برئاسة النائب محمد عطية الفيومي، عن بدء أولى جلسات الحوار المجتمعي لمناقشة مشروع القانون يوم الإثنين الموافق 5 مايو المقبل، وتستمر حتى 19 مايو، بمشاركة ممثلين عن الملاك والمستأجرين، وخبراء قانونيين، ومؤسسات مجتمع مدني، بهدف الوصول إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف وتراعي العدالة الاجتماعية.
تصريحات رئيس لجنة الإسكان
أكد النائب محمد عطية الفيومي أن اللجنة تُولي اهتمامًا كبيرًا لإجراء حوار عادل وشامل حول مشروع القانون، مشددًا على أنه لن يتم تمريره إلا بعد الاستماع لكل وجهات النظر.
وأضاف أن الهدف هو التوصل إلى حلول توازن بين حقوق الملاك في تحقيق عائد عادل من ممتلكاتهم، وحقوق المستأجرين في الحصول على سكن مناسب لا يرهقهم ماليًا.
تحديات التطبيق والانتقادات المتوقعة
ومن المتوقع أن تواجه التعديلات بعض التحديات، من بينها كيفية تطبيق الزيادات الجديدة، وآلية تحديد القيمة العادلة للعقود القديمة، وضمان عدم تأثر محدودي الدخل سلبًا.
ويطالب عدد من النواب والمواطنين بأن تتضمن التعديلات برامج دعم للمستأجرين غير القادرين أو فترات انتقالية لتطبيق الزيادات بشكل تدريجي.
وتُعد قضية الإيجار القديم من أقدم وأعقد القضايا السكنية في مصر، حيث ما زالت آلاف الوحدات السكنية مؤجرة بأسعار رمزية منذ عقود، مما يخلق أعباء على الملاك ويعطل استثمار الثروة العقارية.
وتسعى الدولة من خلال هذه التعديلات إلى إعادة الحياة إلى سوق الإيجارات السكنية وفتح المجال أمام العدالة الاقتصادية والاجتماعية.