الكاتبة : آية عادل
أيدت المحكمة العليا الأمريكية، اليوم الجمعة، قانونًا جديدًا من شأنه أن يمهد الطريق لحظر تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير "تيك توك" في الولايات المتحدة، حيث من المقرر أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ اعتبارًا من يوم الأحد المقبل، ويأتي هذا القرار قبيل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لولاية ثانية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التطبيق الذي يملك أكثر من 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة.
كان القرار الصادر من المحكمة العليا في صالح القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي بأغلبية من الحزبين في أبريل 2024. هذا القانون يحمل اسم "قانون حماية الأمريكيين من تطبيقات يسيطر عليها خصوم أجانب"، وينص على أنه يجب على منصة تيك توك سحب استثماراتها من الشركة الأم الصينية "بايت دانس"، أو مواجهة حظر تطبيقها في الولايات المتحدة اعتبارًا من 19 يناير.
وفي حكمها، قالت المحكمة العليا إن "الأحكام المتنازع عليها تعزز مصلحة حكومية مهمة لا علاقة لها بقمع حرية التعبير، ولا تفرض عبئًا على حرية التعبير أكثر مما هو ضروري لتعزيز هذه المصلحة"، وأوضحت المحكمة أن الهدف من هذا القانون هو منع الصين من الوصول إلى البيانات الشخصية لمستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة، وهو ما يعد تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.
وتم إطلاق هذا القانون بعد مخاوف متزايدة في الولايات المتحدة بشأن ممارسات تيك توك في جمع البيانات وكيفية إمكانية تسريب هذه البيانات إلى الحكومة الصينية، ويطالب القانون تيك توك إما ببيع حصتها في بايت دانس أو مواجهة منع التطبيق من الوصول إلى متاجر التطبيقات الأمريكية مثل "جوجل بلاي" و"آب ستور"، مما قد يعني حظر التطبيق بالكامل في الولايات المتحدة.
وفي رأي المحكمة، تم التأكيد على أن الكونجرس كان قد اتخذ هذا القرار استجابة لمخاوف أمنية موثقة بشكل جيد تتعلق بممارسات تيك توك في جمع البيانات والصلات المحتملة مع الصين، ومع ذلك، اعترفت المحكمة بأن تيك توك يمثل منصة ضخمة للتعبير والمشاركة لأكثر من 170 مليون أمريكي، ما يعكس التأثير الواسع للتطبيق في الحياة الرقمية في الولايات المتحدة.
ومن جانبها، أبدت شركة تيك توك اعتراضها الشديد على هذا القرار، حيث زعمت أن القانون ينتهك حقوقها في حرية التعبير والوصول إلى منصات رقمية مفتوحة، كما أبدى العديد من منشئي المحتوى الذين يعتمدون على تيك توك كوسيلة للتواصل مع متابعيهم مخاوفهم من فقدان مصدر رزقهم إذا تم حظر التطبيق.
وقالت الشركة في بيان لها إن "الحكومة الأمريكية تقوم باتخاذ تدابير قسرية ضد التطبيق دون تقديم دليل ملموس على أي تهديد حقيقي"، مؤكدة أن تيك توك يلتزم بالقوانين الأمريكية ويحترم خصوصية المستخدمين.
ومن المتوقع إن حظر تيك توك في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تأثيرات كبيرة على صناعة المحتوى الرقمي، حيث يعتمد ملايين المستخدمين على التطبيق للتعبير عن آرائهم وتقديم محتوى مبدع. قد يؤدي الحظر إلى انتقال هؤلاء المستخدمين إلى منصات أخرى مثل إنستغرام ويوتيوب، وهو ما سيغير من ديناميكيات المنافسة في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن جانب آخر، قد يكون لهذا القرار تأثير كبير على الاقتصاد الرقمي الأمريكي، حيث يساهم تيك توك في خلق فرص عمل لمؤثرين وصناع محتوى، بالإضافة إلى الشركات التي تعتمد على التطبيق في حملاتها التسويقية.
وعلى الرغم من القرار القضائي، لم يخفِ الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، دعمًا لقرار المحكمة، حيث كان قد دعا في وقت سابق إلى تأجيل تنفيذ القانون للسماح له بمحاولة إيجاد "حل سياسي" بمجرد توليه منصبه في 20 يناير، وبذلك، قد يكون لترامب دور في تحديد كيفية التعامل مع هذه القضية بعد توليه الرئاسة.
أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فقد أكد بعض أعضاء الكونجرس على ضرورة تنفيذ هذا القانون حمايةً للأمن القومي الأمريكي، بينما انتقد آخرون القرار باعتباره انتهاكًا لحقوق الشركات في الولايات المتحدة وحرية السوق، وهذا التباين في الآراء يعكس الانقسامات العميقة بشأن كيفية التعامل مع التطبيق الصيني في سياق التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين.