في خطوة حاسمة لمكافحة التهرب الضريبي وتعزيز موازنة الدولة، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أمس، عن مجموعة من القرارات الجديدة التي تهدف إلى مواجهة ظاهرة التهرب الضريبي والتي تُعد من أبرز القضايا الاقتصادية التي تواجهها مصر. القرار الذي شمل تشديد العقوبات وتوسيع نطاق الإجراءات المتبعة، يأتي في وقت تشهد فيه البلاد إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحقيق استقرار مالي وزيادة الإيرادات العامة.
تفاصيل القرار الرئاسي
أعلن السيسي، خلال اجتماع مع عدد من كبار المسؤولين في الحكومة، عن سلسلة من التدابير التي تهدف إلى الحد من ظاهرة التهرب الضريبي والتي تكلف الخزانة العامة للدولة مليارات الجنيهات سنويًا، ووفقًا للقرار، سيتم زيادة العقوبات المفروضة على المتورطين في التهرب الضريبي لتشمل السجن لفترات أطول، إضافة إلى الغرامات المالية التي قد تصل إلى أضعاف قيمة الضرائب التي تم التهرب منها.
وتشمل الإجراءات الجديدة أيضًا تعزيز الرقابة على الشركات والمؤسسات، وتطوير آليات تحصيل الضرائب باستخدام تقنيات حديثة مثل الأنظمة الإلكترونية والذكاء الصناعي، لضمان متابعة حركة الأموال والمعاملات التجارية بشكل أكثر دقة وشفافية.
أهداف القرار
وفي تصريحات له عقب الإعلان عن القرار، أكد الرئيس السيسي أن الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات هو تعزيز العدالة الضريبية والحد من الفجوات الكبيرة بين المكلفين والمتهربين من دفع الضرائب، وقال السيسي إن "التهرب الضريبي يمثل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد المصري، ويؤثر سلبًا على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية".
كما أضاف أن القرار يأتي في إطار خطة الدولة لتعزيز الشفافية في النظام الضريبي، وتقديم حوافز للمواطنين والشركات التي تلتزم بالقوانين الضريبية، في الوقت الذي يتم فيه اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يتلاعبون بالقوانين.
توسيع قاعدة الضرائب
وإلى جانب تشديد العقوبات، يتضمن القرار أيضًا توسيع قاعدة الضرائب لتشمل قطاعات اقتصادية جديدة كانت تُستثنى أو لم تكن خاضعة للضرائب بشكل كافٍ في السابق، ومن بين هذه القطاعات، التي سيتم توجيه المزيد من التركيز عليها: الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، وهو قطاع يشهد نموًا كبيرًا في مصر.
وقد شدد السيسي على أهمية أن تكون الإجراءات الضريبية مرنة ومتطورة بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية العالمية، وخاصة في ظل توسع التجارة الإلكترونية وارتفاع عدد الشركات التي تعتمد على التكنولوجيا في أعمالها.
دور المؤسسات المالية والتكنولوجية
كما أشار الرئيس المصري إلى أن هناك تعاونًا مستمرًا بين الحكومة والبنك المركزي المصري، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات المالية الكبرى، لتطوير النظام الضريبي في مصر، وأضاف أنه سيتم استخدام أدوات تكنولوجية حديثة لضمان تحصيل الضرائب بشكل أكثر كفاءة وشفافية، وتقليل فرص التهرب من دفع المستحقات.
ردود الفعل على القرار
ولاقى هذا القرار ترحيبًا من العديد من الخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا أن الإجراءات الجديدة قد تسهم في تعزيز الثقة في النظام الضريبي وتوسيع قاعدة الإيرادات الحكومية، ما يساعد على تحسين الوضع المالي للدولة، ومن جهتها، أكدت المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي دعمها لهذه الخطوات، مشيرة إلى أن تحسين تحصيل الضرائب يعد من أبرز شروط الإصلاح الاقتصادي الناجح.
ولكن في المقابل، حذر بعض رجال الأعمال من تأثير الإجراءات المشددة على المناخ الاستثماري في مصر، مطالبين الحكومة بأن تراعي التحديات التي يواجهها قطاع الأعمال في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وشددوا على ضرورة توفير بيئة ضريبية واضحة وعادلة تشجع على الاستثمار وتحفز الشركات على الامتثال للقوانين.
وبشكلٍ عام يُعد هذا القرار الرئاسي بشأن التهرب الضريبي خطوة حاسمة نحو إصلاح النظام الضريبي في مصر، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى زيادة الإيرادات العامة لتلبية احتياجات التنمية، وبينما يُنتظر أن تحقق هذه الإجراءات نتائج إيجابية على المدى الطويل، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تحقيق التوازن بين فرض ضرائب عادلة ومواصلة جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.