رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين حركة حماس وإسرائيل برعاية مصرية وقطرية وأمريكية، فإن القوات الإسرائيلية ارتكبت سلسلة من المجازر في قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، مما أسفر عن مقتل 81 شهيدًا من المدنيين الفلسطينيين، وفيما أصيب العشرات بجروح مختلفة، وتثير هذه المجازر تساؤلات حول جدية التزام إسرائيل بالاتفاقات المعلنة، ويؤكد الوضع المأساوي في غزة أن الأوضاع الإنسانية ما تزال تتدهور بشكل مريع.
ووفقًا للمصادر المحلية في غزة، وقعت 8 مجازر متتالية في مناطق مختلفة من القطاع، استهدفت بشكل رئيسي الأحياء السكنية والمناطق المكتظة بالمدنيين، واستخدمت القوات الإسرائيلية في هذه الهجمات طائرات حربية ومدافع ثقيلة، وهو ما أدى إلى تدمير العديد من المنازل والمنشآت المدنية، بالإضافة إلى تزايد أعداد الشهداء والمصابين.
وتنقل التقارير أن من بين الشهداء أطفالًا ونساءً، وهو ما يعكس التصعيد غير المسبوق في الهجمات على المدنيين، وأفادت مصادر طبية في مستشفيات غزة بأن الأوضاع الصحية في القطاع أصبحت كارثية بسبب نقص المعدات الطبية والأدوية، فضلًا عن الضغط الكبير على المستشفيات التي تعاني من تزايد أعداد الجرحى.
ورغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن الانتهاكات المستمرة من جانب قوات الاحتلال تزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة.
وفي وقت لاحق، أعربت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية عن قلقها البالغ إزاء هذه الانتهاكات، مشيرة إلى أن هذه الهجمات تُعد خرقًا صريحًا للاتفاقات الدولية المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
وتساءل مراقبون دوليون عن أسباب هذه الهجمات في الوقت الذي كان من المفترض أن تلتزم فيه جميع الأطراف بهدنة مؤقتة تتيح للقطاع الفقير والمكتظ بالسكان فرصة التنفس بعد أسابيع من القتال العنيف، كما دعا العديد من الحقوقيين إلى فتح تحقيقات دولية محايدة للكشف عن ملابسات هذه المجازر ومحاسبة المسؤولين عنها.
ومن جانبها، أكدت مصادر فلسطينية أن الهجمات الإسرائيلية لم تقتصر على استهداف المدنيين فقط، بل شملت أيضًا المرافق الأساسية مثل المدارس والمراكز الصحية التي كانت مخصصة لتقديم العلاج للجرحى، وقد أسفر هذا الهجوم عن شلل شبه كامل في القطاع الصحي، مما يعمق معاناة السكان في غزة.
وأشار الناطق الرسمي باسم حركة حماس، في تصريحات صحفية، إلى أن هذه المجازر تأتي في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة لفرض مزيد من الضغط على الشعب الفلسطيني وإجباره على القبول بشروط سياسية قاسية، واعتبر أن "الاحتلال لا يلتزم بأي اتفاقات أو تفاهمات" وأن ما يحدث من "استهداف للمواطنين العزل يعكس مدى الإصرار الإسرائيلي على ارتكاب جرائم حرب".
وأمام هذه الانتهاكات المتواصلة، يجد المجتمع الدولي نفسه في موقف حرج. حيث تدور نقاشات واسعة حول كيفية التعامل مع تصعيد الأوضاع في غزة، خاصة في ظل ما يشهده القطاع من أزمة إنسانية خانقة نتيجة الحصار العسكري وارتفاع أعداد الضحايا ومع الدعوات الدولية لوقف العنف، إلا أن التوصل إلى حل حقيقي يبدو أمرًا بعيد المنال في ظل تواصل التصعيد العسكري.
وتأتي هذه المجازر في وقت يتطلع فيه الفلسطينيون إلى إنهاء معاناتهم عبر اتفاقات لوقف إطلاق النار، لتؤكد أن الاتفاقات التي تُعلن لا تكفي لوضع حد للمعاناة المستمرة في غزة.
وبينما يواصل الاحتلال انتهاكاته، يبقى السؤال المطروح حول مدى قدرة المجتمع الدولي على الضغط لوضع حد لهذه الجرائم، وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في المستقبل.