الكاتبة : آية عادل

  من صعيد مصر الأبي، وتحديدًا من محافظة أسيوط، بزغ نجم طفل أزهري استثنائي، هو أنس مصطفى ربيع، البالغ من العمر ثماني سنوات. هذا النابغة الصغير، الذي يدرس بالصف الثاني الابتدائي الأزهري، استطاع في فترة وجيزة أن يلفت إليه الأنظار ويحظى بتقدير واحتفاء قيادات الأزهر الشريف وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.

رحلة أنس إلى عالم الشهرة والتقدير بدأت من قلب "قاهرة المعز" خلال فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب. بصحبة والده، الواعظ بالأزهر الشيخ مصطفى ربيع، حضر أنس إحدى ندوات جناح الأزهر الشريف، وهناك كانت المفاجأة التي أبهرت الحضور من صغار وكبار. الطفل ذو الثماني سنوات أتقن حفظ القرآن الكريم، والأكثر إدهاشًا، إتقانه متونًا علمية صعبة ومعقدة، يستعصي حفظها على الكثير من هم في عمره.

هذا التألق اللافت في معرض الكتاب كان الشرارة الأولى لسلسلة من مظاهر التقدير والاحتفاء بالنابغة الأزهري. فسرعان ما كرمه مجلس جامعة الأزهر، بحضور والده، حيث تم إهداؤه درع الجامعة وشهادة تقدير، في لفتة كريمة تهدف إلى تشجيعه وتحفيز أسرته الكريمة التي أولت اهتمامًا خاصًا بموهبته وعملت على تنميتها.

ولم يكتفِ أنس بحفظ القرآن والمتون، بل ألقى على مسامع قيادات الأزهر الشريف أبياتًا من نظمه، شاهدة على فصاحته وذكائه الوقاد. ومن بين ما أنشده، أبيات من نظم "مثلث قطرب"، والتي أظهرت إلمامه بعلوم اللغة والنحو في سن مبكرة.

طموح واعظ صغير:

وعندما وجه إليه الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، سؤالًا عن أمنيته المستقبلية، أجاب أنس ببراءة وعزيمة: "عايز أطلع واعظ"، معبرًا عن رغبته في السير على خطى والده الذي يعمل واعظًا بالأزهر الشريف، وهو ما يعكس البيئة الدينية والعلمية التي نشأ فيها هذا الطفل الموهوب.

احتفاء متواصل وتقدير رفيع:

لم يتوقف الاحتفاء بأنس عند هذا الحد، حيث استقبله مجمع البحوث الإسلامية، وجلس معه فضيلة وكيل الأزهر، الذي استمع إليه وهو يتلو مقدمة الآجرومية، وهو متن أساسي في علم النحو، مما أثار إعجاب الحاضرين بذاكرته الوقادة وقدرته على الاستيعاب.

وفي مطلع شهر مايو الجاري، كان اللقاء الأبرز والأكثر تأثيرًا في مسيرة هذا الطفل النابغة، حيث استقبله فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في مكتبه الخاص. وقد أغدق فضيلته على أنس بالنصائح والتوجيهات القيمة، سائلًا الله له مستقبلًا علميًا مشرقًا.

ولم يكتفِ شيخ الأزهر بهذا اللقاء، بل عاود استقبال أنس واصطحبه في اجتماع المجلس الأعلى للأزهر الذي عقد مؤخرًا في مشيخة الأزهر. وتقديرًا لموهبته الفذة، وقف شيخ الأزهر وقيادات المشيخة ومجمع البحوث الإسلامية جميعًا يستمعون بانتباه وإعجاب إلى الأبيات من المتون العلمية التي يتقنها هذا الطفل الصغير.

وفي لفتة أبوية كريمة تعكس اهتمام الأزهر الشريف برعاية النوابغ، قرر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إهداء الطفل أنس مصطفى ربيع رحلة عمرة بعد انتهاء موسم الحج الحالي، كما أهداه شهادة تقدير تشجيعًا له ولوالديه على جهودهما في حفظ القرآن الكريم والمتون العلمية.

قصة الطفل أنس مصطفى ربيع هي قصة إلهام ونموذج يحتذى به، تؤكد على أهمية الاكتشاف المبكر للمواهب ورعايتها وتوفير البيئة المناسبة لتنميتها. كما تعكس حرص الأزهر الشريف على دعم وتشجيع أبنائه المتميزين في مختلف العلوم، وتقدير النماذج المضيئة التي ترفع راية العلم والمعرفة.