الكاتبة : آية عادل
دمنهور – البحيرة: هزت محافظة البحيرة، وتحديدًا مدينة دمنهور، جريمة بشعة تفاصيلها تقشعر لها الأبدان، حيث كشفت قضية اعتداء جنسي متكرر على طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره داخل أسوار مدرسة الكرمة الخاصة للغات. الطفل، الذي عُرف إعلاميًا باسم "ياسين"، روى كابوسًا يوميًا عاشه تحت وطأة الانتهاكات التي زعم تعرضه لها على يد موظف مسن بالمدرسة، وسط اتهامات خطيرة لإدارة المؤسسة بالتستر على الجريمة ومحاولة إسكات الطفل.
"كان بيضربني ويقلعني البنطلون!".. رواية ياسين تدمي القلوب:
في شهادته التي نقلتها أسرته ومحاميه، يصف الطفل ياسين تفاصيل مؤلمة لكيفية استدراجه من فصله الدراسي إلى براثن المعتدي. وبصوت طفل بريء يحمل بين طياته وجعًا لا يوصف، أوضح كيف كانت إحدى العاملات بالمدرسة، والتي تُعرف بـ"الدادة"، تقوم بسحبه قسرًا إلى دورة المياه، حيث كان ينتظره المتهم المسن.
"كان بيضربني، يشد شعري، ويقلعني البنطلون!"، هكذا لخص ياسين جزءًا من الكابوس الذي عاشه، مضيفًا بكلمات تقطر خوفًا: "قالي لو اتكلمت هيقتلني وهيقتلكم كلكم!". لم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل مكانًا آخر داخل أسوار المدرسة، وهو جراج مهمل كانت تركن فيه سيارة قديمة مغطاة بالأتربة، حيث استغل المتهم خلو المكان لممارسة أفعاله الشنيعة. "كنت بصرخ من الوجع، وما كنتش أقدر أدخل الحمام من الخوف تاني!"، يروي الطفل الصغير، تاركًا وراء كلماته أسئلة عن الضمير والإنسانية.
اتهامات بالتستر و"مسرحية" لإسكات الضحية.. دور مشبوه للإدارة:
وتتصاعد حدة الاتهامات الموجهة لإدارة مدرسة الكرمة الخاصة، حيث يُزعم علم المديرة بالواقعة منذ فترة طويلة دون اتخاذ أي إجراءات حقيقية لحماية الطفل أو محاسبة المتهم. بل تذهب الشهادات إلى أبعد من ذلك، حيث تشير إلى محاولات للتستر على الجريمة وإجبار الطفل على الصمت.
في واقعة صادمة تكشف عن مدى الاستهانة ببراءة الطفل، أفادت مصادر مطلعة بأن المديرة أجبرت الطفل ياسين على ضرب المتهم بعصا أمام عدد من الموظفين في محاولة بائسة لإظهار الصلح وإنهاء الأمر، محذرة إياه بشدة من البوح بأي تفاصيل حول ما تعرض له. كما تشير الشهادات إلى دور مشبوه للعاملة المعروفة بـ"الدادة"، والتي يُزعم أنها كانت تقوم بتسليم الطفل إلى المتهم ثم تنتظره لتغسل وجهه وتبدل ملابسه، في سلوك يوحي بالتواطؤ أو على الأقل بالتجاهل التام لما كان يحدث.
غضب شعبي عارم ومطالبات مُلحة بتحقيق العدالة:
ولم تمر هذه الجريمة المروعة مرور الكرام على المجتمع المحلي والرأي العام، حيث سرعان ما تحولت القضية إلى قضية رأي عام غاضبة، خاصة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا). أطلق أولياء الأمور والنشطاء هاشتاغ #حق_ياسين، مطالبين بإغلاق المدرسة التي لم توفر الحماية لطفل في حرمها، وبمحاسبة جميع المتورطين في الجريمة والتستر عليها بأقصى العقوبات.
وواجهت أسرة الطفل ياسين ضغوطًا وتهديدات للتنازل عن القضية، في محاولة لإخماد صوت الحق وإفلات الجناة من العقاب. إلا أن إصرار العائلة على استرداد حق طفلهم البريء، بالإضافة إلى تقرير الطب الشرعي الذي أثبت صحة تعرض الطفل للاعتداءات المروعة، أثمرا عن إحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية.
ويترقب المجتمع المحلي في دمنهور، بل ومصر بأسرها، جلسة الحكم في هذه القضية التي من المقرر عقدها في 30 أبريل 2025. هناك شعور عام بأن هذه القضية ليست مجرد جريمة فردية، بل هي اختبار حقيقي لقدرة القانون على تحقيق العدالة وحماية الأطفال من براثن الاستغلال والانتهاك.
أسئلة ملحة تنتظر الإجابة:
تثير قضية الطفل ياسين بمدرسة الكرمة الخاصة العديد من الأسئلة الملحة التي تحتاج إلى إجابات شافية وواضحة:
- كيف أمكن لمثل هذه الجريمة البشعة أن تحدث داخل مؤسسة تعليمية يفترض أنها مكان آمن؟
- ما هي الإجراءات الرقابية والأمنية التي كانت مُتبعة في المدرسة، وأين يكمن الخلل الذي سمح بوقوع هذه الانتهاكات؟
- ما مدى صحة الاتهامات الموجهة لإدارة المدرسة بالتستر على الجريمة ومحاولة إسكات الطفل؟ وإذا ثبت ذلك، فما هي العقوبات التي ستطال المتورطين في هذا التستر؟
- ما هي الإجراءات التي ستتخذها وزارة التربية والتعليم لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المدارس الأخرى؟ وهل سيتم مراجعة وتحديث بروتوكولات حماية الطفل في المؤسسات التعليمية؟
- ما هو الدعم النفسي والتأهيلي الذي سيتم تقديمه للطفل ياسين وأسرته لتجاوز هذه المحنة الصعبة؟
إن العدالة لياسين ليست مجرد معاقبة الجاني، بل هي أيضًا ضمان محاسبة كل من قصر أو تواطأ أو حاول التستر على هذه الجريمة النكراء. إنها أيضًا رسالة واضحة وقوية بأن المجتمع لن يتهاون أبدًا مع من يستهدفون براءة الطفولة وأمن أطفالنا. دمنهور تنتظر، ومصر بأكملها تراقب، لترى كيف سيتحقق العدل في قضية هزت القلوب وأدمت الضمائر.