بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، شهدت الحياة السياسية الأوكرانية نوعًا من الهدوء تحت الأحكام العرفية التي فرضت على البلاد. ومع ذلك، بدأت تبرز ملامح متزايدة للحراك السياسي في الآونة الأخيرة، في ظل تركيز الولايات المتحدة على إنهاء الحرب مع روسيا بسرعة، مما أدى إلى تصاعد النشاط السياسي المحلي مع تحول الأنظار نحو الانتخابات.
في الأسبوع الماضي، وجه أحد الأطراف السياسية في أوكرانيا اتهامات لفريق الرئيس فولوديمير زيلينسكي بالتركيز بشكل مفرط على الانتخابات بدلاً من إعطاء الأولوية للحرب. وأشار عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، إلى أنه يعتقد بأن أحد المسؤولين المعينين من قبل الرئيس يعمد إلى تعطيل عمله. كما ظهرت شخصيات معارضة على الساحة، حيث بدأت بالتحرك والتواصل مع جهات خارجية.
وقال المحلل السياسي فولوديمير فيسينكو، الذي يقيم في كييف: "هناك ترقب لاحتمال حدوث تغييرات سياسية مع عودة دونالد ترامب وتأثيراته. النشاط السياسي المحلي ارتفع بشكل واضح، والتوترات الداخلية بدأت بالتزايد".
وفي سياق الأحداث الذي عزز الحديث عن العودة إلى السياسة، ذكرت وكالة "رويترز" أن فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدفع نحو إجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا بحلول نهاية العام، خاصة في حال توصلت كييف وموسكو إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
برز الرئيس الأوكراني السابق، بترو بوروشينكو، كلاعب محوري خلال الأسابيع الأخيرة، حيث ظهر في صور وهو يصافح العديد من المسؤولين الدوليين. وعلى الرغم من ذلك، نفى بوروشينكو أي دور له في الحديث عن الانتخابات المقبلة، مشيرًا إلى أنها قد تخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتزيد من زعزعة الاستقرار في أوكرانيا في هذه المرحلة الحساسة. وقال في حديث مع وكالة "رويترز": "مهمتنا الأساسية هي الفوز في الحرب".
ولكن، اتهم حزب "التضامن الأوروبي"، الذي يرأسه بوروشينكو، فريق زيلينسكي بمحاولات للحد من دور الحزب في البرلمان، حيث اعتبر أن الرئيس يركز على التحضير للانتخابات بدلاً من مواجهة التحديات التي تفرضها الحرب.
وفي تطور آخر، شهدت يوليا تيموشينكو، رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة، عودة ملحوظة إلى الأضواء السياسية، حيث التقت بمسؤولين من الاتحاد الأوروبي خلال زياراتها الخارجية. كما انتقدت قرار السلطات الأوكرانية باعتقال جنرال في الجيش على خلفية عملية دفاعية فاشلة وقعت في مايو الماضي.
من جانب آخر، خرج عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، باتهامات جديدة ضد المحيطين بالرئيس زيلينسكي، متهماً قائد الإدارة العسكرية للمدينة – الذي تم تعيينه من قبل الرئيس – بعرقلة الأداء الطبيعي للإدارة المدنية للمدينة. ويعتبر كليتشكو، وهو أيضًا منافس محتمل على الرئاسة، هذا التصرف جزءًا من التآمر السياسي.
بهذا الشكل، يتضح أن الساحة السياسية الأوكرانية تشهد حالة من إعادة التشكيل، حيث تزداد التوترات مع خروج الصراعات الداخلية تدريجيًا إلى العلن، وسط ضغوط خارجية لإنهاء الحرب ووضع إطار للمستقبل السياسي للبلاد.