بكين، الصين – 1 فبراير 2025 – في خطوةٍ تكنولوجية كبيرة، أعلنت الصين عن بدء بناء منشأة اندماج نووي جديدة تُعد الأضخم في العالم من نوعها، حيث ستكون أكبر بنسبة 50% من منشأة الإشعال الوطنية الأمريكية (NIF) في ولاية كاليفورنيا. وتأتي هذه الخطوة في إطار التطورات العلمية المتسارعة التي تشهدها الصين في مجال الطاقة النظيفة، لتؤكد سعيها المستمر في السباق العالمي نحو تحقيق طاقة الاندماج النووي، وهي التقنية التي قد تغير قواعد اللعبة في المستقبل في مجال توليد الطاقة.
تفاصيل المنشأة الجديدة:
منشأة الاندماج النووي الجديدة التي تبنيها الصين ستُمثل تحولًا كبيرًا في مجال الأبحاث المتعلقة بالاندماج النووي، حيث ستكون أكبر حجمًا وأعلى قدرة من منشأة الإشعال الوطنية الأمريكية التي كانت تعتبر الرائدة في هذا المجال. الصين أكدت في بيانها الرسمي أن المنشأة ستكون أكثر كفاءة من حيث الطاقة المنتجة، وستسهم في تطوير تقنيات الاندماج النووي التي يُحتمل أن تكون بديلاً نظيفًا وآمنًا للوقود الأحفوري في المستقبل.
أهداف المشروع:
تهدف منشأة الاندماج النووي الصينية إلى تحقيق إطلاق الطاقة النووية بطريقة نظيفة وآمنة من خلال محاكاة العمليات التي تحدث في قلب النجوم. حيث يسعى العلماء الصينيون إلى تحقيق الاندماج النووي البارد، وهو عملية يتم فيها دمج الذرات معًا لإنتاج كميات هائلة من الطاقة، دون الحاجة إلى استخدام الوقود التقليدي، وعلى الرغم من التحديات العلمية الكبيرة التي تواجه هذا المجال، مثل التحكم في درجات الحرارة المرتفعة والضغط الشديد، إلا أن الصين تعتبر هذا المشروع خطوة نحو تحقيق استقلال الطاقة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
أهمية المشروع في السياق العالمي:
يشكل بناء هذه المنشأة جزءًا من استراتيجيات الصين الطموحة لقيادة الابتكار في تقنيات الطاقة النظيفة، حيث يُتوقع أن تؤثر هذه المنشأة بشكل كبير على أسواق الطاقة العالمية في المستقبل، ولقد دخلت الصين في سباق حاد مع الولايات المتحدة، حيث كان مشروع الإشعال الوطني الأمريكي (NIF) يعتبر الرائد في مجال الاندماج النووي، ولكن هذا التقدم الكبير من الصين قد يشكل تحولًا مهمًا في ميزان القوى العلمية والتكنولوجية في هذا المجال.
التقنيات المستخدمة في المنشأة:
منشأة الاندماج النووي الصينية ستعتمد على تقنيات متقدمة تشمل الليزر الفائق القدرة والحقول المغناطيسية للمساعدة في احتجاز البلازما الساخنة التي يتم إنتاجها خلال عملية الاندماج، ويُقال إن المنشأة الجديدة ستكون أكثر تقدمًا من حيث التصميم التكنولوجي مقارنة بمنشأة الإشعال الوطنية الأمريكية، ما يجعلها أكثر قدرة على تحقيق استدامة الطاقة لفترات طويلة.
التحديات العلمية والفنية:
ورغم الطموحات الكبيرة، إلا أن تكنولوجيا الاندماج النووي ما زالت في مرحلة التطوير ولم تتحقق حتى الآن على نطاق واسع، ويواجه العلماء تحديات كبيرة تتعلق بـ الحفاظ على استقرار البلازما و التحكم في درجات الحرارة المرتفعة التي تتجاوز ملايين الدرجات المئوية، ولكن مع تقدم الصين في بناء هذه المنشأة الضخمة، فإن النجاح في تحقيق الاندماج النووي قد يكون له تأثير كبير في تسريع تطور هذه التكنولوجيا عالميًا.
المنافسة العالمية في مجال الاندماج النووي:
مع التقدم الذي أحرزته الصين، تُعتبر الولايات المتحدة و أوروبا من اللاعبين الرئيسيين في سباق الاندماج النووي؛ ففي الولايات المتحدة، تم تحقيق تقدم ملموس في منشأة الإشعال الوطنية خلال السنوات الأخيرة، في حين أن الاتحاد الأوروبي يعكف على تطوير مشروع ITER في فرنسا، الذي يُعتبر أحد المشاريع الرائدة في مجال الاندماج النووي على مستوى العالم، ومع المنافسة الشديدة بين القوى الكبرى قد تسهم هذه المنشأة الصينية في تسريع التقدم في هذا المجال على الصعيدين العلمي و الصناعي.
الآفاق المستقبلية:
إذا تمكنت الصين من تحقيق نجاح كبير في هذا المشروع، فإنها ستكون قد وضعت قدمًا قوية في طريق الثورة المستقبلية في الطاقة، وسيؤدي ذلك إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، وهو ما يساهم بشكل كبير في التصدي لتغيرات المناخ والتحديات البيئية العالمية. كما أن الاندماج النووي سيوفر طاقة غير محدودة تقريبًا من خلال الوقود الثقيل الذي يُستخرج من الماء.