المعضلة التي تواجهها مئات الشركات الغربية التي لا تزال تمارس أعمالها في روسيا تزداد تعقيدًا، خاصة في ظل إمكانية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بوعده بإنهاء الصراع في أوكرانيا. تأتي هذه التحديات في وقت باتت شروط الخروج من السوق الروسية أكثر صرامة، مما يجعل مغادرة البلاد خيارًا مكلفًا على نحو متزايد.

منذ أن أرسلت روسيا قواتها إلى أوكرانيا في فبراير 2022، اختارت العديد من الشركات، مثل "رينو"، و"ماكدونالدز"، و"هاينكن"، الانسحاب من السوق الروسية، وغالبًا ما تكبدت خسائر كبيرة بسبب اضطرارها لبيع أصولها بخصومات كبيرة فرضها الكرملين. ومع ذلك، استمر جزء آخر من الشركات في العمل داخل روسيا، بينما دافعت شركات مثل "بيبسيكو"، و"بروكتر آند جامبل"، و"مونديليز" عن بقاءها بدافع المسؤولية الإنسانية. وفي نفس الوقت، تواجه البنوك الأوروبية، مثل "رايفايزن بنك إنترناشيونال" و"يونيكريديت"، تحديات متعلقة بتحقيق الأرباح من أصولها العالقة والحصول على تصاريح من موسكو للخروج من السوق.

في أكتوبر الماضي، شددت روسيا القيود على خروج الشركات، مشترطة تقديم خصومات لا تقل عن 60% على صفقات الخروج، بالإضافة إلى "مساهمة طوعية" تصل إلى 35% من سعر الصفقة إلى ميزانية الدولة الروسية، وهو ما وصفته واشنطن بـ"ضريبة الخروج".

وقال إيان ماسي، رئيس قسم الاستخبارات المؤسسية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة "إس-آر إم" العالمية للاستشارات، إن احتمال عودة ترامب للرئاسة يضيف طبقة جديدة من الضبابية للشركات متعددة الجنسيات التي لا تزال تحتفظ بأصولها في روسيا. وأوضح أن الكرملين مستمر في زيادة تكاليف مغادرة السوق الروسية، لكن ترامب قد يعمل على تخفيض تكلفة البقاء، مما قد يؤدي إلى حالة ركود في القرارات حول الخروج أو الاستمرار.

ومع ذلك، يبقى الغموض سيد الموقف فيما يتعلق بما يمكن أن يحققه ترامب خلال ولايته الثانية، حيث يعترف مستشاروه بأن تسوية الصراع في أوكرانيا قد تستغرق أشهرًا، إن لم يكن أكثر.

لكن مجرد عودته إلى البيت الأبيض يمكن أن يمنح بعض الشركات المبرر السياسي للبقاء في روسيا، وفق تحليل بعض الخبراء. وفي المقابل، قد تنظر شركات أخرى إلى احتمال تخفيف العقوبات على أنه فرصة سانحة للخروج من السوق.

وفي هذا السياق، يقول آلان كارتاشكين، الشريك في شركة "ديبويز آند بليمبتون"، إن هناك احتمالًا لتخفيف بعض العقوبات إذا تمكنت الإدارة الجديدة من التفاوض على تسوية للنزاع الأوكراني. وأشار إلى أن مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى فك تجميد الأصول الأجنبية العالقة في روسيا، مما يفتح المجال لجولة جديدة من صفقات الخروج للشركات الغربية.