الكاتبة : آية عادل

 شهد تطبيق المراسلة الشهير تليجرام تحولًا كبيرًا في سياسة الخصوصية الخاصة به، حيث كشف تقرير الشفافية الأخير للشركة عن زيادة حادة في طلبات الإفصاح عن بيانات المستخدمين من قبل سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة، وقد أثارت هذه التغييرات مخاوف جدية بشأن خصوصية المستخدمين وأمن بياناتهم على المنصة.

زيادة حادة في طلبات البيانات بعد اعتقال دوروف:

  بحسب التقرير الصادر عن تليجرام، استجابت الشركة لـ 900 طلب بيانات في عام 2024، ما أثر على 2253 مستخدمًا. يُعتبر هذا الرقم ارتفاعًا كبيرًا مقارنةً بـ 14 طلبًا فقط أثرت على 108 مستخدمين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام. اللافت للانتباه أن هذا الارتفاع حدث بشكل ملحوظ بين أكتوبر وديسمبر 2024، أي بعد فترة وجيزة من اعتقال الرئيس التنفيذي لتليجرام، بافيل دوروف، في فرنسا في أغسطس من نفس العام.

  وتم اعتقال دوروف في مطار لو بورجيه بتهم تتعلق بتعامل تليجرام مع الأنشطة الإجرامية على منصتها، واتهمت السلطات الفرنسية تليجرام بالفشل في اتخاذ الإجراءات الكافية لمنع الانتهاكات، بما في ذلك الاحتيال والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والإرهاب والتنمر الإلكتروني. ووصف المحققون الاعتقال بأنه خطوة لإنهاء ما أسموه "إفلات تليجرام من العقاب.

تحديث سياسة الخصوصية: تحول كبير:

   بعد وقت قصير من اعتقال دوروف، قامت تليجرام بتحديث سياسة الخصوصية الخاصة بها، ما سمح بمشاركة بيانات المستخدمين، مثل عناوين IP وأرقام الهواتف، مع سلطات إنفاذ القانون استجابةً لطلبات قانونية صالحة.

  وفي السابق، كانت سياسة تليجرام تقتصر على مشاركة البيانات في الحالات المتعلقة بالإرهاب فقط، حيث أكدت الشركة أنها لم تكشف أبدًا عن بيانات المستخدم في هذا الإطار. يُعدّ تعديل السياسة تحولًا كبيرًا يتزامن مع ارتفاع طلبات البيانات المنجزة في الربع الأخير من عام 2024. ووفقًا لتقرير الشفافية، سعت الطلبات في المقام الأول إلى الحصول على عناوين IP وأرقام الهواتف.

مخاوف بشأن الخصوصية وأمن البيانات:

  على الرغم من أن تليجرام تُعلن عن التزامها بحماية خصوصية المستخدمين، فإن الارتفاع الحاد في طلبات البيانات التي يتم تلبيتها يُثير مخاوف جدية بشأن أمن المعلومات الشخصية المُشتركة على المنصة،  يُلقي هذا التحول الضوء على التوتر المتزايد بين الخصوصية والامتثال القانوني، ويُثير تساؤلات حول مدى قدرة المنصات الرقمية على حماية بيانات مستخدميها في ظل الضغوط المتزايدة من الحكومات.

تداعيات على المستخدمين:

  يُمثّل تعديل سياسة الخصوصية لتليجرام، التي تسمح بالكشف عن عناوين IP وأرقام الهواتف لوكالات إنفاذ القانون، انحرافًا واضحًا عن موقف الخصوصية الأكثر صرامة الذي كانت تتبناه الشركة في السابق. يُثير هذا التحول قلقًا خاصًا نظرًا للزيادة الهائلة في الطلبات التي تم تلبيتها في غضون ثلاثة أشهر فقط، ما يُشير إلى إمكانية الوصول إلى البيانات على نطاق أوسع في المستقبل.

  وبالنسبة للمستخدمين، يُؤكّد هذا التطور على الحاجة إلى توخي الحذر واليقظة بشأن كيفية استخدام بياناتهم أو الوصول إليها، حتى على المنصات التي تُعرف بإعطاء الأولوية للخصوصية. يُنصح المستخدمون باتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية خصوصيتهم، مثل تفعيل خاصية التحقق بخطوتين وتجنب مُشاركة معلومات حساسة عبر التطبيق.

   وبشكلٍ عام يُمثّل تغيير سياسة الخصوصية لتليجرام وتزايد مشاركة بيانات المستخدمين مع الحكومة الأمريكية تطورًا هامًا يُثير تساؤلات حول مستقبل الخصوصية على الإنترنت.

   وفي سياق ذلك يجب على المستخدمين أن يكونوا على دراية بهذه التغييرات وأن يتخذوا الإجراءات اللازمة لحماية بياناتهم الشخصية، كما يجب على المنصات الرقمية أن تُوازن بين الامتثال القانوني وحماية خصوصية المستخدمين، وأن تكون شفافة في تعاملها مع بيانات المستخدمين.