الكاتبة : إيمان سالم
في حي الجمالية وسط القاهرة، وقع حادث مؤلم أصبح حديث الناس. الطفل آدم، ذو الـ12 عامًا (اسم مستعار)، كان في طريقه لمساعدة والده في ورشة النجارة عندما التقى بشابين يبلغان من العمر 17 عامًا، لتبدأ أزمة لم يكن يتخيلها. تعرض الطفل للاعتداء الجسدي، ثم صور والد أحد الشابين مشهدًا مهينًا له وهو عارٍ عقابًا له، ظنًا منه أنه أضر بابنه الأصغر. تقول دينا، والدة الطفل، والدموع لا تغادر عينيها: "لو كنت أعرف اللي هيحصل، كنت خليته يقعد في البيت".
في أحد الأزقة الضيقة بالمنطقة، وقعت الحادثة التي صدمت الجميع. الشابان ادعا أن والد أحدهما يريد الطفل، فطلبا منه أن يلحق بهما. تقول دينا: "ابني كان بس بيجيب شغل لأبوه، ولحد ما رجعنا ماكناش عارفين نلاقيه".
الجيران بدورهم عبّروا عن استيائهم من الحادث. أحمد، أحد سكان المنطقة، يقف على الرصيف المجاور لمنزله قائلاً: "المنطقة دي صح مينفعش تقول عليها أمان 100٪ بس كان مستحيل نتخيل إن حاجة زي دي تحصل لطفل". تضيف فاطمة، وهي جارة أخرى: "ده طفل! إزاي حد ممكن يعمله كده في منطقة إحنا فاكرين إنها آمنة؟".
دينا تحاول شرح التفاصيل بصعوبة: "ابني كان ماشي في حاله، لقاهم بيقولوا له تعال عشان بابا عايزك. دخل معاهم وماعرفش إنها كمين". الطفل كان مترددًا في البداية لكنه استجاب للطلب ببراءة. تقول دينا بحزن وهي تمسك بيد صورته الصغيرة: "بعد اللي حصل، نظرتي لابني وجعاني. بقيت أحاول أطمنه بس هو اللي بيحاول يطمني بقوله ما تزعليش يا ماما".
تهدف الأم المتأثرة من المشهد المؤلم إلى مساعدة طفلها في تجاوز محنته. لكنها تبكي وهي تقول: "نفسي ابني يرجع زي الأول، نفسي أشوفه بيضحك ويلعب زي الأطفال في سنه. لكن اللي شفته كأن الدنيا علمتني إن مفيش أمان".
الطفل نفسه يتحدث بخوف ويقول: "كانوا بيهددوني، قالولي: لو حكيت هننشر الصور". الشعور بالخوف احتجزه لفترة طويلة حتى بعد عودته لمنزله، حيث تغيرت ملامح طفولته للأبد.
بدوره يقول والد الطفل لدى التحقيقات: "كنت بدور على ابني ولما رجع شفته مرعوب وحالته تكسر القلب. ماكنش قدامي خيار غير إن أروح قسم الشرطة وأعمل محضر".
فيما عبّر الجيران عن غضبهم بحدة: "إحنا كأهالى هنا ملناش تفسير للحاجة دي"، قال محمود أحد السكان المحليين، وأضاف: "إزاي يحصل كده في حي زي الجمالية اللي كلنا نعتبر فيه أسرة واحدة؟".
تحركت الأجهزة الأمنية سريعًا وتم القبض على الأب المتهم بعد العثور على الفيديوهات في هاتفه المحمول كأدلة. توضح دينا: "النيابة العامة ما أخدتش وقت طويل وكانت حاسمة جدًا. مجرد ما اتضح اللي حصل اتحركوا بسرعة". التحقيقات أثبتت أن التسجيلات لم تكن مجرد مزحة كما حاول الأب الادعاء.
صدر قرار من النيابة بحبس الأب المتهم بينما تستمر الأسرة في محاولة تجاوز المحنة النفسية التي لحقت بهم. تقول دينا بصوت يحمل ألمًا شديدًا: "بحتاج كل يوم أذكر نفسي إنه لازم أكون قوية عشان ابني. أكتر حاجة مخوفتني إن الدعم النفسي لابني يكون صعب أو إنه يفضل شايل وجع التجربة بداخله".