باسيجاه، ربة منزل تبلغ من العمر 55 عامًا من مقاطعة جاوة الوسطى في إندونيسيا، تستيقظ كل صباح على صوت أمواج البحر. ورغم أن هذا الصوت يبدو جذابًا، إلا أنه يعكس واقعًا محزنًا.

تعيش باسيجاه في المنزل الوحيد المتبقي في منطقة ريجوساري سينيك، وهي قرية صغيرة تقع على الساحل الشمالي لجاوة، التي كانت يومًا ما أرضًا يابسة لكنها أصبحت الآن مغمورة بالمياه. على مدار السنوات الماضية، قام جيران باسيجاه بترك منازلهم وأراضيهم المزروعة بالخضراوات وحقول الأرز، في مواجهة تقدم البحر، لكن باسيجاه وعائلتها لا يخططون لمغادرة مكانهم.

في تصريحاتها لوكالة رويترز في فبراير، أكدت باسيجاه: "أعتزم البقاء هنا، وما زلت أحتفظ بمشاعري تجاه هذا المنزل". ومع ارتفاع المياه المحيطة بمنزلها، الذي تعيش فيه منذ 35 عامًا، تجد باسيجاه قدميها تبلل كلما خرجت من البيت.

تمتد حول منزلها أسوار مصنعة من الخيزران وأعمدة كهربائية مكسورة، وتم رفع أرضية المنزل الداخلية لتظل فوق سطح البحر. لأقرب يابسة تحتاج إلى عبور مسافة تصل إلى كيلومترين (1.24 ميل)، بينما تبعد مدينة ديماك نحو 19 كيلومترًا، ويكون الوصول إليها عبر القارب فقط.

تعتبر إندونيسيا، المؤلفة من آلاف الجزر، من الدول الأكثر عرضة لارتفاع منسوب مياه البحار والتآكل، إذ يصل طول سواحلها إلى حوالي 81 ألف كيلومتر. وقد ارتفع منسوب مياه البحر على سواحل إندونيسيا بمعدل متوسط بلغ 4.25 مليمتر سنويًا بين عامي 1992 و2024، مع تسارع هذه المعدلات في السنوات الأخيرة، وفقًا لتصريحات كادارسه، المسؤول عن تغير المناخ في وكالة الأرصاد الجوية وعلم المناخ والجيوفيزياء الإندونيسية. وأشار إلى أن بعض الجزر الصغيرة قد اختفت نتيجة هذه التغيرات.

واستدرك كادارسه بأن الزيادة في ضخ المياه الجوفية أدت إلى تفاقم ظاهرة هبوط الأرض على الساحل الشمالي لجاوة، وكانت المشكلة خاصة في جاكرتا، عاصمة إندونيسيا التي يقطنها حوالي 10 ملايين نسمة.

ولجأت السلطات إلى تنفيذ مشاريع ضخمة، بما في ذلك بناء جدار بحري بطول 700 كيلومتر على الساحل الشمالي بين مقاطعتي بانتين وجاوة الشرقية.

بينما تعمل باسيجاه وعائلتها على مواجهة هذه الأزمات من خلال العودة إلى الطبيعة، حيث قامت بزراعة حوالي 15 ألف شجرة مانجروف سنويًا على مدار العقدين الماضيين. تعيش باسيجاه على زراعة الأشجار وتعتني بالشجيرات وشتلاتها الجديدة يوميًا، حيث تجدف في قارب مصنوع من برميل بلاستيكي أزرق، مغمورة في المياه التي قد تصل إلى صدريها.

تقول باسيجاه: "تتدفق مياه الفيضانات بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة. لقد أدركت أنه بعد ارتفاع المياه، يجب علي زراعة أشجار المانجروف لحماية المنزل من الرياح والأمواج".

تعتمد عائلتها على بيع الأسماك التي يصطادها أبناؤها في السوق القريب، وتؤكد باسيجاه أنهم سيبقون طالما استطاعوا صد المد والجزر. وتضيف: "لم أعد قلقة بشأن شعوري بالعزلة هنا منذ أن قررت البقاء، لذا سنواجه كل عقبة على حدة".