الكاتبة : أمل شريف
لسنوات عديدة، كان جنود قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا يتنقلون بحرية بين المدن الساحلية، بينما كانت الطائرات الحربية تنطلق من القاعدة لتقصف المتمردين الإسلاميين الذين يقاتلون نظام بشار الأسد القمعي. لكن الأوضاع قد تغيرت الآن. بعد مغادرة الأسد، أصبحت قاعدة حميميم وقاعدة طرطوس البحرية الروسية، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وتقع على بعد 60 كيلومترًا جنوبًا، تحت سيطرة مجموعات صغيرة من مقاتلي المعارضة السابقين الذين يتولون حراسة المداخل. في الوقت الحالي، تسيطر هيئة تحرير الشام، وهي قوة إسلامية، على أجزاء كبيرة من البلاد.
وأوضح أحد الحراس، الذي ارتدى الزي الكاكي، لمراسلي رويترز الذين زاروا المنطقة مؤخرًا، أن أي قوافل روسية تجرؤ على الخروج من القاعدة تحتاج إلى إبلاغهم مسبقًا.
إن مستقبل هذه القواعد، التي تشكل جزءًا أساسيًا من النفوذ العسكري الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا، يعتمد الآن على الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع. حيث يسعى الشرع لإعادة التفاوض على عقد الإيجار السخي الذي وقعه الأسد لمدة 49 عامًا لقاعدة طرطوس وعقد إيجار غير محدد المدة لحميميم، بهدف تحسين الشروط، لكنه يبدو غير راغب في طرد موسكو بشكل كامل.
عوضًا عن ذلك، يبدو أن القواعد ستبقى تحت السيطرة الروسية مقابل الدعم الدبلوماسي والتعويض المالي، خاصة وأن روسيا كانت لها مصالح عميقة في الاقتصاد والدفاع السوري على مدار سبعة عقود قبل تدخلها العسكري في الحرب الأهلية عام 2015، والذي ساهم في إدامة حكم الأسد لسنوات.
سقط الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهرب إلى روسيا عبر قاعدة حميميم. والآن، أصبحت القيادة الإسلامية السورية - التي كانت مستهدفة من قبل الغارات الجوية الروسية المتواصلة - منخرطة في محادثات مع موسكو.
في هذا السياق، أجرت رويترز لقاءً مع ثمانية مصادر سورية وروسية ودبلوماسية، التي كشفت عن تفاصيل غير منشورة حول الاجتماع الأول رفيع المستوى بين الشرع ومبعوث أرسله الرئيس فلاديمير بوتين، والذي تناول مطالب تتعلق بالديون المليارية، ومستقبل الأسد، وإعادة الأموال السورية المزعومة الموجودة في روسيا.
وتطلب العديد من المصادر عدم الكشف عن هويتها عند مناقشة هذه الأمور الحساسة.
إن وضع العداوة جانبًا قد يحمل فوائد للطرفين. وعلى الرغم من تخفيف العقوبات الأوروبية والأمريكية على سوريا، إلا أن القيود المتبقية تجعل من الصعب القيام بأعمال تجارية مع الدولة التي دمرتها الحرب، والتي تعاني من الفقر ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.
يمكن أن تسهم استعادة الإمدادات التقليدية الروسية من الأسلحة والوقود والقمح في إنعاش الاقتصاد السوري. وأوضح دبلوماسي مقيم في دمشق أن القادة السوريين مستعدون "لصنع السلام حتى مع أعدائهم السابقين".
وأكدت آنا بورشيفسكايا من معهد واشنطن أن "لدى موسكو ما تقدمه لسوريا"، وأنها تظل قوية وراسخة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. وأضافت: "تحتاج روسيا ببساطة إلى حكومة في دمشق تضمن مصالحها، وستكون مستعدة لعقد اتفاق مع تلك الحكومة". ووفقًا لمصدر من الأمم المتحدة، لم تقم روسيا بتصدير الحبوب إلى سوريا تحت الإدارة الجديدة.