الجنوب اللبناني/تل أبيب/بيروت - مع انقضاء مهلة الستين يومًا المُحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من الشريط الحدودي مع لبنان، شهدت المنطقة تطورات مُقلقة، حيث عاد مئات السكان النازحين إلى بلداتهم في الجنوب اللبناني ليواجهوا إطلاق نار من القوات الإسرائيلية، ما أسفر عن إصابة العشرات ومقتل 22 شخصًا، بينهم جندي لبناني في بلدة ميس الجبل - مرجعيون.

في تطور لافت، كشف مصدر عسكري إسرائيلي لقناة "العربية/الحدث" أن الجيش تلقى أوامر من المستوى السياسي بمواصلة عملياته في جنوب لبنان. وزعم المصدر أن الاتفاق لا يُلزم إسرائيل بالانسحاب الكامل من جنوب لبنان عند انقضاء فترة الستين يومًا، كاشفًا عن وجود حوار برعاية أمريكية لتمديد فترة الهدنة.

 كما أوضح المصدر العسكري الإسرائيلي أن الاتفاق يتضمن أيضًا تحديد مواقع الانتشار في الجنوب بشكل مؤقت، مُدعيًا أن مدنيين وعناصر من حزب الله يحاولون الوصول إلى الحدود منذ الصباح. وأعلن أن الجيش استخدم "التحذير بالنار" لإبعاد أي تهديد ومنع أي محاولة للاقتراب من السياج الحدودي، مؤكدًا اعتقال عدد من المشتبه بهم والتحقيق معهم ميدانيًا. وزعم أيضًا أن الجيش يعمل وفقًا لتفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار ويُراقب ما وصفها بـ "محاولات حزب الله للعودة". أما عن ملابسات مقتل الجندي اللبناني في الجنوب، فقد ذكر المصدر أنها "غير واضحة وقيد التحقيق".

وفي المقابل، أكد مصدر في الرئاسة اللبنانية لقناة "العربية/الحدث" أن الرئيس ميشال عون يواصل اتصالاته لاستكمال انسحاب إسرائيل. وأضاف أنه اطلع من قيادة الجيش على المناطق التي دخلها الجيش اللبناني اليوم، مُشددًا على أن الجيش سيواصل العمل لاستعادة كامل الأراضي خلال الأيام المقبلة. كما رأى أن "الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين العُزّل تعكس نهجها"، مُدينًا ما قامت به القوات الإسرائيلية.

وكانت الأمم المتحدة قد شددت على أن "الظروف ليست مُهيأة بعد لعودة سكان البلدات الحدودية". وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، في بيان مشترك، إن "لبنان شهد تغييرات كبيرة منذ دخول تفاهم وقف الأعمال العدائية حيّز التنفيذ في الساعات الأولى من 27 نوفمبر 2024".

 ويُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه بوساطة أمريكية في 27 نوفمبر الماضي، نص على وجوب سحب إسرائيل لقواتها خلال 60 يومًا، أي بحلول 26 يناير، على أن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل). كما نص الاتفاق على وجوب سحب حزب الله لعناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد حوالي 30 كيلومترًا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية مُتبقية في الجنوب.

  إلا أن إسرائيل أكدت يوم الجمعة الماضي أن قواتها لن تُنجز الانسحاب نظرًا لعدم تنفيذ الجانب اللبناني الاتفاق "بشكل كامل"، حسب زعمها. في حين حمّل الجيش اللبناني إسرائيل مسؤولية عدم استكمال انتشاره، موضحًا في بيان أنه يواصل "تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني منذ اليوم الأول" لوقف إطلاق النار بالتنسيق مع اللجنة الخماسية المُشرفة على تطبيقه وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)، وأقر بوجود "تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من الجانب الإسرائيلي"، مؤكدًا جاهزيته لاستكمال انتشاره "فور انسحاب" الأخير.

 ويُظهر هذا التضارب في التصريحات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين مدى هشاشة الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ويُثير مخاوف من تجدد التصعيد في المنطقة.