هزّت مدينة بولو التركية فاجعة إنسانية مروعة، حيث اندلع حريق هائل في فندق "جراند كارتال" الشهير للتزلج، أسفر عن مصرع 76 شخصًا وإصابة 51 آخرين، من بينهم حالات خطيرة، وتسببت هذه الكارثة في جدل واسع حول المسؤولية عن الحادث، وسط اتهامات متبادلة بين المسؤولين المحليين والوزاريين.
تفاصيل الحريق المأساوي:
في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، حوالي الساعة 03:30، اندلعت النيران في منطقة المطعم بالطابق الرابع من الفندق المكون من 12 طابقًا والمُغطى بالخشب، وتزامن الحريق مع عطلة منتصف العام الدراسي، حيث بلغت نسبة الإشغال في الفندق 90%، ما يعني وجود 238 نزيلًا بداخله.
ووصلت فرق الإطفاء إلى مكان الحادث بعد حوالي 40-45 دقيقة من اندلاع الحريق، لكن صعوبة الوصول إلى الفندق، والذي يقع مخرجه الخلفي عند منحدرات التزلج ولا يوجد مدخل مُباشر للمركبات إلا من الجهة الأمامية، أعاق عمليات الإخماد.
لحظات الرعب والهلع:
استيقظ النزلاء على صرخات النيران والدخان، وحاولوا الفرار من الفندق وسط حالة من الذعر، وُسمعت استغاثات المحاصرين في الطوابق العليا، وهم يصرخون طلبًا للمساعدة. ومع سرعة انتشار النيران وامتداد الدخان الكثيف إلى جميع الممرات، وتعذر على الكثيرين الوصول إلى مخارج الطوارئ.
حصيلة مأساوية:
وبعد جهود استمرت نحو 11 ساعة، تمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على الحريق، لكن الكارثة كانت قد وقعت بالفعل. أعلنت وزارة الصحة عن وفاة 76 شخصًا وإصابة 51 آخرين، بينهم حالة حرجة، وتم تخريج 17 مصابًا من المستشفى بعد تلقي العلاج، بينما لا يزال 34 آخرون يتلقون العلاج. وتم توفير إقامة مؤقتة للناجين في فنادق قريبة، وإنشاء مستشفى ميداني لعلاج المصابين.
الجدل حول المسؤولية:
أثارت هذه المأساة جدلاً واسعًا حول تحديد المسؤول عن وقوعها. فقد أشار وزير الثقافة والسياحة، محمد نوري أرصوي، إلى أن الفندق خضع لعمليات تفتيش في عامي 2021م و2024م وأنه حاصل على شهادة كفاءة للحريق صادرة عن الإطفاء، مُلقيًا بالمسؤولية على عاتقهم.
وفي المقابل، نفى رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان، أي مسؤولية للبلدية، مؤكدًا أن صلاحية تفتيش الفندق تعود لوزارة الثقافة والسياحة لأنه مُرخص من قبلها، كما أشار رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، الذي زار موقع الحريق، إلى أن الموقع ليس ضمن حدود بلدية بولو.
ولكن تقرير نشاط بلدية بولو لعام 2023 يُشير إلى أن عمليات تفتيش منشآت الإقامة تتم من قبل البلدية، كما تبين أن رئيس البلدية كان قد عيّن قريبًا له في منصب قيادي في إدارة الإطفاء، ما يُثير تساؤلات حول مدى نزاهة عمليات التفتيش.
شهادات الناجين تكشف الإهمال:
كشفت شهادات الناجين عن تفاصيل مُفزعة تُشير إلى وجود إهمال جسيم في إجراءات السلامة داخل الفندق. فقد ذكر أحد الناجين أن جرس الإنذار لم يعمل، وأنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى مخارج الطوارئ بسبب انتشار الدخان، كما أشار آخر إلى عدم وجود كواشف دخان في الفندق.
التحقيقات جارية:
أعلن وزير العدل عن تكليف 6 مدعين عامين للتحقيق في الحادث، وتشكيل لجنة خبراء. وتم توقيف 9 أشخاص، بينهم مالك الفندق، في إطار التحقيقات الجارية لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات.
وبشكلٍ عام تعدّ كارثة حريق فندق بولو مأساة وطنية تُسلط الضوء على أهمية تطبيق معايير السلامة في المنشآت السياحية، وضرورة تحديد المسؤوليات بشكل واضح ومُحاسبة المُقصرين، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المُفجعة.