في حي الوراق بمحافظة الجيزة، وفي ليلة أضاءها صيام رمضان وصمتها هدوء الليل، وقف إبراهيم، طالب حقوق في عامه الثاني، على ناصية الشارع. ليلة رمضانية هادئة تحولت إلى مشهد مأساوي، بدأ بدعوة إلى الاحترام وانتهى بجريمة مأساوية.
بينما كان إبراهيم ينتظر شراء السحور لوالدته، مرت مركبة «توك توك» بصخب يخترق الهدوء، تقل شابين وفتاتين. مما أثار استياء من كانوا عائدين من الصلاة. إبراهيم، بشاب يرفض الصمت إزاء ما رأى أنه خطأ، توجه إليهم بهدوء محاولًا النصح بقوله: «إحنا في رمضان.. كده ما ينفعش، في ستات داخلة وخارجة». غير أن نصيحته لم تلاقِ قبولًا، حيث اشتعلت الشرارة بينه وبين مستقلي التوك توك، ومن بينهم "نصر"، جزار معروف في المنطقة.
ما بدا نزاعًا عاديًا وسرعان ما توقف بوساطة الحاضرين، تحول إلى مأساة مدوية بعد انسحاب نصر، وعودته سريعًا بسكين جزارة مسددًا طعنة قاتلة اخترقت قلب إبراهيم، لتنهي حياته وسط ذهول الحاضرين.
المشهد ترك أثرًا مفجعًا في قلوب من شهدوه. أمه التي كانت تنتظره بالسحور استقبلته جثةً هامدة ملفوفة بالكفن. الأحزان خيمت على منزل بسيط فقدَ سند العائلة وشابًا حفظ القرآن منذ صغره، وكان يمثل بارقة أمل لوالدته برغبته في حياة مهنية تكسر قيود الحاجة.
في اليوم التالي للجريمة، في سراي النيابة العامة، بدا "نصر" متغيرًا. لم يعد الغضب يعلو وجهه ولا القوة تميزه. قال بقصد التبرير: «ماكنتش قاصد أقتله.. بس استفزني، حسّيته بيكلمنا من فوق». كلمات كشفت عن خليط من الغضب واللامبالاة إزاء حياة أُزهقت دون مبرر.
هذه الجريمة أثارت جدلًا واسعًا في الحي وأثقلت القلوب خلال شهر يفترض أن يحمل نسمات السلام والتسامح. إبراهيم أصبح رمزًا للشهامة بين الأهالي الذين لقبوه بـ«شهيد الشهامة». وعلى سريره، بقي مصحف مفتوح لم يُغلق قبل مغادرته تلك الليلة المشؤومة.
الواقعة تثير تساؤلات مهمة:
1. هل توجد قوانين منظمة لعمل الجزارين تتضمن تهذيب السلوك المهني والمجتمعي؟
2. كيف تؤثر مثل هذه الحوادث على روحانيات واستقرار المجتمع خلال شهر رمضان؟
3. ما الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لأسرة الضحية ولزملائه من طلبة الجامعة؟
4. كيف يمكن تحسين المنظومة القانونية لضمان العدالة بسرعة وفعالية في مثل هذه القضايا؟
5. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية والاجتماعية في التوعية للحد من العنف وتعزيز ثقافة التسامح؟