الكاتبة : أمل شريف

استولت القوات الروسية على مدينة ماريوبول، التي كان يقيم فيها أكثر من 400 ألف شخص قبل الغزو الشامل، في مايو 2022، بعد أن تم أجبار المدافعين الأخيرين على الاستسلام. وكانت هذه اللحظة بمثابة انتهاء لأحد أكثر الفصول دموية في تاريخ الحرب.

عبرت ليودميلا، المعلمة المتقاعدة البالغة من العمر 65 عامًا، عن مشاعرها لوكالة رويترز بقولها: "عشنا طوال حياتنا في ماريوبول، وكنت أعتقد حتى اللحظة الأخيرة أنها ستظل أوكرانية. لا أعلم كيف حدث ذلك".

تشعر ليودميلا وعدد كبير من المواطنين بالشوق لرؤية المناطق المحتلة تعود إلى السيطرة الأوكرانية، مما يمثل تحديًا للرئيس فولوديمير زيلينسكي. يتعرض زيلينسكي لضغوط للنظر في إمكانية تقديم تنازلات إقليمية في إطار أي اتفاق سلام مع روسيا.

لم تُظهر أوكرانيا أي بادرة على استعدادها للتنازل، بينما طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من كييف التخلي ليس فقط عن الأراضي المحتلة، بل أيضًا عن أراضٍ أخرى لا تزال خارج سيطرة موسكو. وفي ظل ذلك، أكدت الولايات المتحدة أن فقدان الأراضي يبدو أمرًا لا مفر منه.

بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الغزو، تسيطر روسيا على نحو خُمس أوكرانيا، بينما تحقق قواتها مكاسب تدريجية في الشرق. وقد أقر زيلينسكي بنفسه بأن استعادة جميع الأراضي المفقودة بالقوة العسكرية ليست ممكنة، لكنه يسعى لتحقيق حل دبلوماسي للأزمة.

وأشار أوليكساندر، البالغ من العمر 65 عامًا، إلى أن مسألة التنازلات المحتملة من جانب أوكرانيا لا تعتمد فقط على كييف. فقال: "المسألة تتركز حول ما إذا كانت هناك أي قيود على الأسلحة"، مشيرًا إلى الشكوك حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل دعمها العسكري لأوكرانيا مع اقتراب دونالد ترامب من البيت الأبيض وروسيا. إن غياب الدعم العسكري الأمريكي سيشكل ضربة قوية لموقف أوكرانيا في أي مفاوضات.

في سياقٍ آخر، أعادت كييف وموسكو إحياء المحادثات المباشرة هذا الشهر بعد انقطاع دام منذ عام 2022، لكن لم تُحقق هذه المحادثات تقدمًا يُذكر في سبيل إنهاء الحرب. وبعد مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين، بدا أن الرئيس الأمريكي قد انسحب من جهود الوساطة، مما ترك أوكرانيا ضعيفة أمام عدوها.

وبالنسبة لسكان ماريوبول النازحين، والتي تعتبر أكبر مدينة أوكرانية تقع في قبضة الروس منذ عام 2022، فإن هذه الظروف تثير مخاوفهم بشأن التنازلات الإقليمية وما إذا كانت العدالة ستتحقق. وأوضح فاديم بويتشينكو، عمدة ماريوبول في المنفى، أن فريقه جمع أدلة تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 22 ألف مدني خلال ما يقارب ثلاثة أشهر من القتال، الذي حول المدينة من مركز نابض بالحياة بمينائها ومصانعها إلى أنقاض.