الكاتبة : آية عادل

في مشهد يكسوه الحزن والأسى، لفظ ناصر محمد علي، والد الأطفال الستة الذين توفوا تباعًا في قرية دلجا التابعة لمركز دير مواس جنوب محافظة المنيا، أنفاسه الأخيرة اليوم الجمعة داخل مستشفى أسيوط الجامعي، ليُسدل الستار على واحدة من أكثر الوقائع إيلامًا وغموضًا في صعيد مصر.

رحل ناصر عن الحياة بعد أيام من دخوله في غيبوبة تامة، متأثرًا بأعراض مرضية غامضة مشابهة لما ألمّ بأطفاله، الذين توفوا تباعًا خلال أسبوعين، في ظروف لا تزال قيد التحقيق والتحليل الطبي والجنائي.

"كان لا يعلم أن ابنتيه أيضًا قد توفيتا"

وفقًا لروايات من أقاربه، فإن ناصر لم يكن يعلم أن آخر طفلتيه "رحمة" و"فرحة" قد لحقتا بأشقائهما الأربعة، حيث ساءت حالته الصحية عقب دفن طفله الرابع، ليُنقل إلى العناية المركزة بقسم السموم بمستشفى أسيوط، ويُعزل في غرفة حرجة حتى وافته المنية صباح اليوم.

وأكد شقيقه أن الأسرة عاشت "كابوسًا حقيقيًا" منذ وفاة أول طفل، وحتى رحيل الأب، وسط حالة من الصمت الطبي والشكوك التي تزداد يومًا بعد يوم بشأن أسباب الوفيات المتكررة داخل الأسرة.

وزارة الصحة: "لا أمراض معدية أو وبائية"

في بيان رسمي، أكدت وزارة الصحة والسكان أنها تابعت الواقعة منذ الإبلاغ عنها يوم 12 يوليو، مشيرة إلى أن التحاليل والفحوصات أثبتت خلو الأسرة من أي أمراض معدية، بما في ذلك التهاب السحايا أو التسمم البيئي أو المائي، كما أظهرت عينات المياه من المنزل مطابقتها للمواصفات القياسية.

الوزارة أوضحت أن الوضع الوبائي في قرية دلجا مستقر تمامًا، وأنه لا توجد إصابات مماثلة بين الأقارب أو الجيران، بينما تواصل الجهات القضائية تحقيقاتها لكشف الأسباب الحقيقية خلف هذه المأساة.

النيابة تأمر باستخراج جثامين الأطفال للتشريح

مع تكرار الوفيات في فترة زمنية قصيرة، أصدرت النيابة العامة قرارًا باستخراج جثامين الأطفال الثلاثة الأوائل الذين دُفنوا قبل الإبلاغ الرسمي، لإجراء تشريح طبي دقيق وتحديد الأسباب بدقة.

وكان الأهالي قد ظنوا في البداية أن الوفاة طبيعية، مما دفعهم لإجراء مراسم الدفن العادية دون الرجوع للنيابة.

الحزن يخيّم على دلجا.. ودفن الأب إلى جوار أبنائه

تستعد قرية دلجا مساء اليوم لتشييع جثمان الأب المفجوع، وسط أجواء من الحزن والذهول، حيث لم يصدق الأهالي أن أسرة كاملة قد فُقدت فجأة دون تفسير واضح حتى الآن.

الواقعة أعادت طرح تساؤلات كثيرة حول أمان الغذاء والدواء والبيئة في بعض المناطق الريفية، كما أعادت إلى الأذهان أهمية تسريع التحقيقات الجنائية والطبية في مثل هذه الحوادث.