الكاتبة : آية عادل

أعلن البنك الدولي عن تحديث جديد لخط الفقر العالمي خلال شهر يونيو الجاري، رافعًا المعدل للأشخاص في البلدان منخفضة الدخل من 2.15 دولار إلى 3 دولارات يوميًا. وجاء هذا التعديل ضمن مراجعة شاملة تُعد الأحدث في سلسلة مراجعات دورية بدأت منذ عام 2001، آخرها جرى عام 2022، وهذه النسخة تستند إلى بيانات الأسعار العالمية لعام 2021.

ويُعد هذا التحديث خطوة مهمة ضمن جهود البنك لقياس الفقر المدقع وفهم الفجوات التنموية بين البلدان، لا سيما في ظل التغيرات الاقتصادية والديموغرافية الواسعة التي شهدها العالم خلال العقود الماضية.

 تطور خطوط الفقر في الشرائح المختلفة

وفقًا للتقرير، فإن التحديث الجديد شمل أيضًا الشريحتين الدنيا والعليا من البلدان متوسطة الدخل، حيث أصبحت خطوط الفقر كما يلي:

• البلدان منخفضة الدخل: 3.00 دولار يوميًا (بدلًا من 2.15)

• الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل: 4.20 دولار (بدلًا من 3.65)

• الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل: 8.40 دولار (بدلًا من 6.85)

وأكد البنك الدولي أن هذه القيم تعكس ارتفاع تكلفة تلبية الاحتياجات الأساسية، كما أنها تعتمد على تحديثات تعادل القوة الشرائية (PPPs)، التي تُستخدم لمقارنة أسعار السلع والخدمات عالميًا، ما يوفر تقييمًا أكثر دقة لمستوى المعيشة في كل دولة.

 من الفقر المدقع إلى فجوة الرخاء

منذ عام 1990، ظل البنك الدولي يقيس الفقر باستخدام خط واحد يحدد الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة في أفقر دول العالم. لكن مع مرور الوقت وتزايد الفجوات بين مستويات المعيشة في الدول، أدخل البنك خطوطًا متعددة للفقر في عام 2017، وفي عام 2024، أضاف مفهومًا جديدًا يُعرف بـ**"فجوة الرخاء"**، وهي أداة لقياس مدى ابتعاد الدول متوسطة ومنخفضة الدخل عن الحد الأدنى لمستويات المعيشة في الدول مرتفعة الدخل.

ويعكس هذا التوجه رؤية أوسع لفهم الفقر متعدد الأبعاد، والذي لا يقتصر فقط على الدخل، بل يشمل الوصول إلى الصحة، التعليم، السكن، والحماية الاجتماعية.

 الفقر يتحرك جنوبًا: أفريقيا جنوب الصحراء تحت المجهر

  أوضح التقرير أن مواقع تركز الفقر تغيرت بشكل كبير منذ التسعينيات، إذ كانت تتركز في:

• شرق آسيا والمحيط الهادئ

• جنوب آسيا

• أفريقيا جنوب الصحراء

  أما اليوم، فقد تراجعت معدلات الفقر بشكل كبير في آسيا، بينما تزايدت في أفريقيا جنوب الصحراء، لتصبح المنطقة الأكثر تضررًا من الفقر المدقع عالميًا.

  ويرجع هذا التراجع الآسيوي إلى النمو الاقتصادي القوي وتحسن التعليم والصحة، بينما ظلت أفريقيا جنوب الصحراء تعاني من ضعف البنية التحتية، والنزاعات، وتغير المناخ، وتحديات في الحوكمة الاقتصادية.

 لماذا تم تحديث الخطوط؟

جاء التحديث الأخير بعد مراجعة الأسعار العالمية التي جمعها برنامج المقارنات الدولية، وشمل أيضًا مراجعة خطوط الفقر الوطنية. وأكد البنك أن طريقة قياس الفقر لم تتغير من حيث المنهج، لكنها تطورت لمواكبة:

• التغيرات في تكاليف المعيشة

• تحسين أدوات القياس

• زيادة دقة حساب استهلاك الأسر

• تغير طبيعة الفقر العالمي من حرمان أساسي إلى تفاوتات تنموية

​  ورغم تطور المعايير ورفع الحد الأدنى، لا يزال خط الفقر العالمي الجديد (3 دولارات يوميًا) يعكس الحد الأدنى فقط من تكاليف المعيشة في أفقر بلدان العالم. ويؤكد البنك الدولي أن الفقر لا يزال خطرًا عالميًا يتطلب تحركًا منسقًا عبر السياسات، والاستثمارات، وبرامج الحماية الاجتماعية، خاصة في ظل الأزمات المتلاحقة مثل التغير المناخي، والحروب، وجائحة كورونا، التي عمّقت فجوات الفقر عالميًا.