أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن القرآن الكريم أوضح بشكل جلي العلاقة بين هذين المفهومين من خلال العديد من الآيات، مشيرًا إلى أن الأمن يشكل أحد المقاصد الرئيسية التي تساهم في تحقيق الاستقرار ودفع عجلة التنمية.

قال مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر في برنامج "مع المفتي" المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة، إن الله تعالى أورد في القرآن الكريم مثالًا لقرية كانت تعيش في أمن وطمأنينة ويمدها رزقها بوفرة من كل مكان، لكنها كفرت بنعم الله. وأكد أن الربط بين الأمن والبناء هو مسألة جوهرية في رؤية الشريعة الإسلامية.

وأوضح المفتي أن الشريعة الإسلامية تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لأي عملية بناء أو تنمية. وبيّن أن الله خلق الإنسان ليعمر الأرض ويحقق الخير في مجتمعه، وللوصول إلى هذا الهدف لا بد من توافر عنصرين رئيسيين، هما الغذاء والأمن. فالأمن يعني الاستقرار، وهو ما يمكّن البشر من بناء المجتمعات وتشييد الحضارات.

وأشار إلى أنه لا يمكن تصور عملية البناء والتعمير دون وجود الأمن. واستشهد ببيئة مكة حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث لم تكن مهيأة للعملية التنموية، مما دفعه للسماح للصحابة بالهجرة إلى الحبشة قائلاً لهم: "اذهبوا إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد". وأوضح أن هذه الواقعة توضح العلاقة الوثيقة بين الأمن والتنمية، إذ يؤدي الظلم والاضطراب إلى الخراب، بينما الأمن هو أساس التشييد والإعمار.

وأضاف المفتي أن الإسلام لا يركز فقط على الجوانب المادية للبناء، بل يولي أهمية كبيرة للجوانب النفسية والمعنوية. فالأمن لا يعني الحفاظ على الممتلكات وحسب، بل يتضمن توفير بيئة نفسية ومعنوية تُحفز الناس على الإنتاج والعمران. وذكر أن الشريعة الإسلامية تعزز التعاون والعدل وتحارب الظلم لتحقيق هذا الجانب المعنوي.

وتحدّث كذلك عن أثر القوانين الشرعية على تحقيق الأمن والبناء، مشيرًا إلى مبدأ القصاص في الإسلام كمثال يجسد التوازن بين الجوانب المادية والمعنوية. وأوضح أن القصاص وسيلة للحفاظ على الأمن الاجتماعي، حيث إن الشريعة الإسلامية وضعت عقوبات للحد من الجرائم وحفظ توازن المجتمع. واستدل بقوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، مشيرًا إلى أن القصاص ليس مجرد عقوبة، بل هو منهج يهدف إلى حماية المجتمع بجانبيه المادي والمعنوي.